في إطار زياراته الميدانية لدائرته الانتخابية، قام نائب مقاطعة المذرذرة، السيد محمد الخامس ولد سيد عبد الله، بزيارة رسمية إلى قرية الدوشلية، حيث حظي باستقبال حافل من قبل نخبة من أعيان المنطقة، يتقدمهم رجل الأعمال ول أب ولد عبد الله، والوجيه والناشط السياسي أحمدين ولد ياعبيد، والدكتور حامدن ولد سعدن. وقد قضى النائب وقتًا ثمينًا بين أهله وأحبابه، مستمعًا إلى تطلعاتهم ومطالبهم، ومناقشًا القضايا ذات الأهمية للقرية.
في سياق جولته الميدانية المباركة، توجّه السيد النائب، إلى معارج النور ومراقي الحكمة، حيث كان اللقاء في رحاب الحضرة العلمية والصوفية، عند قدمي العلّامة الجليل، والقطب الرباني، لمرابط محنض باب ولد أمين. هناك، حيث الزمان يفقد صلته بالمألوف، والمكان يغتسل بأنوار السرائر، استُقبل بحفاوة تعبق بالمحبة، وتحفّه نسمات العلم ومرايا البصيرة.
كانت الجلسة لقاءً من طراز خاص، تماهت فيه الأرواح في ملكوت المعرفة، واستحالت الألفاظ أنغامًا تنبض بالحكمة والوجدان. خصّني الشيخ الجليل بحديث يقطر نورًا عن سير أعلام العلم والتصوف، أولئك السالكين دروب الفناء في المحبة، والصعود إلى مراقي العرفان. استحضر ذكر الأجداد الميامين، شموسًا أشرقت على آفاق المعرفة، فذكر العلّامة ياعبيد ولد عاشور ولد ألمين ولد أشفغ يحي ولد أحمد شلل، والعلّامة حامدن ولد سيدي ولد ألمينا ولد الفالي ولد الكريم ولد أحمد شلل، مستلًّا من ذكراهم صفحات مضيئة من الورع والزهد والعطاء. ثم تطرّق إلى خؤولتنا من أسرة العلم والصلاح، آل بيدح الكرام، الذين توارثوا المشكاة جيلًا بعد جيل، واحتفظوا بسرّ الطريق وكنوز الحكمة.
وفي ثنايا الحديث، حيث كانت الكلمات تتهادى كأنفاس المسك، سألني الشيخ عن مقامي بالمدينة المنورة، عن تلك الليالي التي يختلط فيها الشوق بالدعاء عند الروضة المطهّرة، عن زيارتي لأضرحة الأولياء في المغرب، حيث تستكين الأرواح عند مراقد العارفين، خاصة عند مقام سيدنا عبد السلام المشيشي، رضي الله عنه، والأولياء السبعة في مراكش، الذين اتخذوا من التصوف محرابًا، ومن الزهد طريقًا، وهم: يوسف بن علي الصنهاجي، القاضي عياض، أبو القاسم السهيلي، أبو العباس السبتي، محمد بن سليمان الجزولي، سيدي عبد العزيز التباع، وسيدي عبد الله الغزواني، رضي الله عنهم جميعًا ونفعنا ببركاتهم. كانت كلماته تتهادى في فضاء المجلس كضوء قمر يغمر السكينة، ويستحضر أزمنة لا تزال تعيش في وجدان السالكين.
وما كان اللقاء لينفضّ إلا بمسك ختامه، إذ رفع الشيخ الأكفّ مصليا على المصطفى صلى الله عليه وسلم مبتهلًا في صفاء السريرة، أن يحفظ الله الأمة الإسلامية، ويبارك في أهل العلم والصلاح، ويمنح قلوب المحبين أنس القرب وبهاء السكينة.
وقرأ هذه الأبيات:
أَعِد نَظَراً في الخَلق تَعلَم بِأَنَّهُ~~كَأَحمَدَ لَم ينشأ وَلا هوَ يُنشأُ
أَغاثَ بِهِ اللَهُ الوَرى فَهوَ مُزنَةٌ~~تُروي الصَدى أَو ظُلَّةٌ تُتَفيأُ
أَفَقنا بِهِ مِن غَمرَةِ الغيِّ وَالهَوى~~فَلا الطِبُّ مَعدومٌ وَلا النُجحُ مُرجأُ
ثم، في لفتة تعبق بالكرم والسخاء، اختتم اللقاء بتقديم هدايا فاخرة للوفد، تمثّلت في أرقى أنواع العطور، كأنما أراد أن يبقى أثر هذا اللقاء محفورًا في الذاكرة، ليس بالكلمات فحسب، بل برائحة الطيب التي تعكس فيض المحبة، وكرم النفوس المطمئنة بالله.
تجدر الإشارة إلى أن النائب محمد الخامس ولد سيد عبد الله كان قد طالب مرارًا داخل قبة البرلمان بفك العزلة عن قرية الدوشلية، إدراكًا منه لأهمية ربطها ببقية المناطق وتعزيز التنمية المحلية، وهو مطلب يعكس حرصه على مصالح المواطنين وسعيه الدؤوب لتحقيق تطلعاتهم.