االتعليق على جائزة فاطمة بنت اعل محمود: لحفظ والتجويد القرآن الكريم
“المرأة التي صنعت الفرق”
في مشهد يعكس قيم الإيمان والعطاء، شهدت مقاطعة كوبني يوم 12 مارس 2025 انطلاق النسخة الرابعة من جائزة النائب فاطمة بنت اعل محمود لحفظ وتجويد القرآن الكريم، التي أصبحت منارة سنوية لنشر نور القرآن بين الشباب. هذه المسابقة ليست مجرد حدث عابر، بل هي رسالة عميقة تؤكد أن القرآن هو المنهج والطريق، وأن دعم العلم الشرعي واجب على كل من يطمح لرقي المجتمع وازدهاره.
يقول الله تعالى: “إِنَّ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ يَهۡدِي لِلَّتِي هِيَ أَقۡوَمُ وَيُبَشِّرُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمۡ أَجۡرٗا كَبِيرٗا” (الإسراء: 9). ومن هذا المنطلق، كرّست النائب فاطمة بنت اعل محمود وقتها وجهدها في سبيل خدمة كتاب الله، إدراكًا منها لعظمة الثواب والبركة التي ينالها من يعين على حفظه ونشره.
إن استمرار هذه المسابقة للسنة الرابعة لم يكن بالأمر السهل، لا سيما أن راعية الجائزة، النائب فاطمة بنت اعل محمود، تواجه ظروفًا صحية صعبة وتتلقى العلاج في الخارج. ومع ذلك، لم يثنها المرض أو السفر عن إتمام هذه التظاهرة القرآنية، بل أصرت على تنظيمها بشكل ممتاز، مما يعكس إرادتها القوية وصدق نيتها في دعم حفظة القرآن الكريم.
لم يكن دخول النائب فاطمة بنت اعل محمود إلى المعترك السياسي مجرد بحث عن منصب أو تمثيل شكلي، بل كان رسالة واضحة لخدمة المجتمع، وخاصة في مجال التعليم الديني. فهي تؤمن بأن أعظم استثمار هو الاستثمار في أبناء الوطن، خاصة أولئك الذين يحملون في صدورهم كلام الله، فجعلت من دعم التعليم الشرعي وحفظة القرآن الكريم أولوية أساسية.
وقد أطلقت هذه الجائزة لأول مرة عام 2022، إيمانًا منها بأن تحفيز الشباب على حفظ القرآن الكريم هو استثمار في مستقبل الأمة، ووسيلة لترسيخ القيم الإسلامية الصحيحة. ولم تقتصر جهودها على الدعم المالي فقط، بل كانت حاضرة بروحها واهتمامها ومتابعتها المستمرة، لتضمن نجاح هذه المبادرة عامًا بعد عام.
لقد ساهمت هذه الجائزة بشكل واضح في تشجيع الشباب على الإقبال على حفظ القرآن الكريم وإتقان تجويده، كما أنها عززت الروح التنافسية الإيجابية بين المشاركين، مما أدى إلى رفع مستوى الحفظ والإتقان. يقول الله تعالى:
“ثُمَّ أَوۡرَثۡنَا ٱلۡكِتَٰبَ ٱلَّذِينَ ٱصۡطَفَيۡنَا مِنۡ عِبَادِنَا فَمِنۡهُمۡ ظَالِمٞ لِّنَفۡسِهِۦ وَمِنۡهُم مُّقۡتَصِدٞ وَمِنۡهُمۡ سَابِقُۢ بِٱلۡخَيۡرَٰتِ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡكَبِيرُ” (فاطر: 32).
وهذا ما تجسد في هذه المسابقة التي أنتجت جيلًا متميزًا من الحفظة المتقنين لكتاب الله، الذين سيكون لهم دور بارز في نشر تعاليم الإسلام الصحيحة.
لا شك أن هذه الجهود المباركة تستحق التقدير والثناء، فمثل هذه المبادرات يجب أن تحظى بدعم رسمي وشعبي لضمان استمرارها وتعزيز أثرها في المجتمع.
وفي الختام، نسأل الله أن يجزي النائب فاطمة بنت اعل محمود خير الجزاء على هذا العمل المبارك، وأن يمنّ عليها بالشفاء العاجل، وأن يجعل هذه الجائزة منارة مضيئة في خدمة القرآن الكريم وأهله، مصداقًا لقوله تعالى:
“وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ” (القمر: 17).