أحمد سالم ولد سيدي قائد سطر بدمه معاني الشجاعة والتضحية

أحمد سالم ولد سيدي: قائدٌ سطّر بدمه معاني الشجاعة والتضحية

 

يُعد العقيد أحمد سالم ولد سيدي أحد أبرز القادة العسكريين في تاريخ موريتانيا، ورمزًا للشجاعة والنزاهة والإخلاص. حمل على عاتقه همّ الوطن، وظل وفيًا لمبادئه حتى لحظة استشهاده، مؤمنًا بأن التضحية في سبيل استقلال القرار الوطني واجبٌ لا حياد عنه. بقي اسمه خالدًا في ذاكرة الموريتانيين، شاهدًا على مرحلة مفصلية في تاريخ البلاد.

 

النشأة والإرث العائلي

 

وُلد أحمد سالم ولد سيدي في أسرة عريقة من الترارزة، يجري في عروقه دم الإمارة من جميع أطرافه. نشأ في بيئة تتوارث القيادة والمسؤولية، فشبّ على قيم العزة والكرامة والإباء، مستلهمًا من تاريخ أجداده روح التضحية والإقدام.

 

التكوين العسكري والمسيرة المهنية

 

نال أحمد سالم تكوينًا عسكريًا رفيع المستوى في المدرسة العسكرية سان سير (École Militaire Saint-Cyr) بفرنسا، إحدى أعرق الأكاديميات العسكرية في العالم. بعد تخرجه، التحق بالجيش الموريتاني، فتميز بالكفاءة والانضباط، وتدرّج في المناصب العسكرية والإدارية حتى أصبح النائب الأول لرئيس اللجنة العسكرية التي تولت الحكم بعد انقلاب 1978. كما تقلد مناصب وزارية بارزة، وظل نموذجًا للضابط النزيه الذي يقدّم مصلحة الوطن على كل اعتبار.

 

موقفه السياسي ومحاولة التغيير

 

لم يكن أحمد سالم من الذين يسعون إلى المناصب على حساب المبادئ، وحين رأى أن البلاد بحاجة إلى تصحيح المسار، قرر مع زميله أحمدو ولد اباه ولد عبد القادر (كادير) الإطاحة بنظام الرئيس محمد خونا ولد هيدالة عام 1981، في محاولة لإنقاذ موريتانيا من الانفراد بالسلطة وضمان استقلال القرار الوطني. إلا أن المحاولة لم تُكلل بالنجاح، فتم اعتقاله وحُكم عليه بالإعدام، ليُنفذ الحكم في مارس من العام نفسه.

 

رسائله الأخيرة: وداع قائد لم يحد عن مبادئه

 

في لحظاته الأخيرة، خطّ أحمد سالم ولد سيدي رسالتين وداعيتين إلى زوجته مانه منت أحبيب ، و أخيه باب ولد سيدي، كانت تجسيدًا للقيم التي عاش من أجلها. أوصى فيهما بتربية أبنائه على النبل والشرف، مؤكدًا أنه يرحل دون ندم، مادام في ذلك مصلحة لموريتانيا. وجاء في رسالته:

 

“لن أندم على حياتي، فإن يكن في مماتي مصلحةٌ لموريتانيا، فإني أرحل مطمئنًا.”

 

كما طلب أن يُدفن بجوار أهله في الميمون إن أمكن، وأوصى بسداد ديونه، في دلالة على التزامه بقيم الأمانة والمسؤولية حتى اللحظة الأخيرة.

 

إرثه وذكراه

 

لم يكن أحمد سالم ولد سيدي مجرد قائد عسكري أو سياسي معارض، بل كان رجل مبدأ، عاش بشرف ورحل بكرامة. ترك بصمة خالدة في تاريخ موريتانيا، وظل اسمه رمزًا للتضحية والإخلاص، ونموذجًا يُحتذى به في الوطنية والشرف.

 

رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، وجعل تضحياته منارةً للأجيال القادمة

شاهد أيضاً

قافلة ويتات ولد سيدي يعرف الخيرية النسخة 24 استمرار للعطاء والتضامن/ أحمد محمد عمر

القافلة الخيرية 24: استمرار العطاء والتضامن بقيادة النائب ويتات ولد سيدي يعرف   كرمسين – …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *