استقبل سكان قرية أبكاك في زوالٍ بهيج الولي الجليل محمذن ولد محمودن، الذي حلّ ضيفًا كريمًا في موكب رفيع ضمّ كلًا من السيد دداه ولد محمد الأمين، والسيد أحمدُ ولد المزروف، والسيد المختار ولد أحمد بمب.
وقد كان اللقاء حافلًا بالأنس والفائدة، إذ أتحف الولي الحضور بكلامٍ ماتعٍ رقّت له القلوب وانشرحت به الصدور؛ حيث تناول تفسير آيات من كتاب الله العزيز، فبسط القول وأجاد البيان، ثم عرّج على مباحث المنطق بعمق العارف الخبير، قبل أن يفتح للحديث عن التصوف صدر المجلس، فجعل له نصيب الأسد، مبرزًا مقاصده الكبرى في تزكية النفوس، وتطهير القلوب، وربط العبد بمولاه في مقام الإحسان.
انطلق الولي محمذن في حديثه عن التصوف من مدرسة القرآن والسنة، فاستعرض من أنوار السلوك وأسرار المجاهدة ما يحيي الأرواح، وتوقف عند مقامات الذكر والخشوع والصبر والرضا، مؤكدًا أن التصوف الحق يقوم على صفاء السريرة، وصدق التوجّه، ومحبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وسموّ الروح عن شواغل الدنيا وزخارفها.
وقد ضمّ المجلس نخبة من رجالات أباك الأجلاء، الذين أصغوا للحديث إصغاء المتذوق المتعطش للمعرفة، وتفاعلوا مع مضامينه الروحية والفكرية، فكان اللقاء لوحةً من العلم والذكر والأنس، تمازج فيها العقل بالنقل، والفكر بالوجدان، وأكّد فيها الولي محمذن أن طريق التصوف هو جسر المحبة والصفاء الذي يربط بين ظاهر الشريعة وباطن الحقيقة.