هواجس الخلافة. قبل أوانها/ بقلم الأستاذ سيدي عيلال

هواجس الخلافة… قبل أوانها / سيدي عيلال

 

يثير الحديث المبكر عن خلافة الرئيس الحالي تساؤلات جوهرية حول طبيعة المشهد السياسي ودرجة نضج النخبة المسيطرة التي تدّعي الخبرة والمسؤولية.

إن من الطبيعي -بل من البديهي- أن تبادر قوى “المعارضة “و الشخصيات الرافضة إلى طرح موضوع الخلافة في أفق التحضير للتداول السلمي على السلطة وبناء رأي عام وطني يطالب بالتغيير، فهذا من صميم دورها السياسي والتاريخي.

 

لكن الغريب والمثير للقلق هو أن تتسابق شخصيات محسوبة على دوائر القرار، بل من قلب الفريق الرئاسي، للدخول في جدل “الخلافة”، وكأنهم يجهزون لمرحلة ما بعد الرئيس قبل أوانها، أو يحاولون إرسال رسائل ضمنية حول موقعهم في خريطة النفوذ القادمة.

 

هذا التسرع لا يعكس فقط ضعفًا في تقدير اللحظة السياسية، بل يُظهر بوضوح حجم الطموح الشخصي الذي يتخفّى خلف شعارات الوفاء والولاء، ويكشف أيضاً هشاشة الخطاب السياسي الذي تتبناه النخبة المسيطرة و تذبذب ثقة الفريق المسيطر ، إذ لا يملك غير تبريرات واهية لا تصمد أمام المنطق أو المصلحة الوطنية.

 

حين تكون مأمورية الرئيس قبل منتصفها، وتبدأ النخب المحيطة به في اقتسام إرث لم يُغلق بعد، فهذا يعني أن خللاً جوهرياً يعصف ببنية النظام: خلل في الثقة، خلل في الرؤية، وخلل في ترتيب الأولويات. فبدل الانشغال بإكمال البرامج والإصلاحات الموعودة والملحة، ينشغل البعض بكيفية ملء الفراغ الذي لم يوجد بعد وكانه إقرار بوجوده .

إن السلوك السياسي للنخب الحاكمة لم يعد يدار وفق منطق المسؤولية الجماعية ولا بمنظور المصلحة العامة، بل أضحى محكوماً بهاجس البقاء والهيمنة، ولو على حساب الرئيس نفسه، أو على حساب استقرار البلد وثقة المواطنين في العملية السياسية برمّتها.

حين يتحدث الحلفاء عن “الخلافة” قبل أن تقترب المأمورية من نهايتها، فاعلم أن مشروع الدولة يغيب أمام صراع المشاريع الشخصية، وأن الكرسي بات أهم من الإنجاز، وأن الزمن السياسي أصبح رهينة نخب فقدت البوصلة، وتستبق النهاية… قبل البداية.

شاهد أيضاً

سلموا سلاحكم حتى نذبحكم ذبح النعاج ونحتل ارضكم/ بقلم لأستاذ فهمي هويدي

مقال جد مهم للأستاذ فهمي هويدي   سلموا سـ،ـلاحكم حتى نذبحكم ذبح النعاج ونحتل أرضكم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *