*رحلة مع الحياة * العلامة الراحل الدكتور محمد المختار ولد أباه طيب الله ثراه

(لحجاب)

والشيء بالشيء يذكر

 

كتب العلامة الدكتور محمد المختار ولد اباه طيّب الله ثراه، في مذكراته “رحلة مع الحياة”:

 

“سافرت في رفقة من المعارف والأصدقاء إلى مدينة روصو – ومن ضمن الرفقة شخصية مشهورة في عالم “لحجاب”، وبعد أن قطعنا مسافة ليست بالقصيرة وحان وقت المقيل، أبصرنا خياما منصوبة على مرتفع رملي غير بعيد من الطريق، فعرجنا عليها لنأخذ قسطاً من الراحة قبل مواصلة الرحلة.

 

وأثناء المقيل جاءنا رجل، وقد عرفنا، فقال لنا إن ابنته مصابة بمرض عضال ويريد علاجها، ثم جاءنا بها محمولة على حصير، فقال له رفيقنا (الحجاب) على الفور: إن ابنتك “مسلولة”، أي أنه تم امتصاص دمها كاملا، ويمكني علاجها مقابل الحصول على ثمن دِيتها، فقال له الرجل إنه لا يوجد على ملكه غير كبش واحد وسيعطيه له مقابل علاجها.

فقال رفيقنا: إنه لا يعالجها بأقل من الدية لأنه سينقذها من موت وشيك ومحقق.

تدخلت بين الرجلين أحاول التقريب بينهما حرصا على إنقاذ الفتاة من الموت المؤكد نظرا لخطورة التشخيص الذي قدمه صاحبنا وهو تشخيص كنت أعتقده وأصدقه نتيجة ترسخ ثقافة “السَّلْ” في المجتمع، لكني فشلت في مهمة التقريب نظرا لعجز والد البنت من جهة عن دفع الدية نتيجة فقره، وتشبت صاحبنا بشرطه المجحف من جهة ثانية.

 

وقبل سفرنا وبعد أن تبين لي أن الفتاة مصابة بفقر الدم نتيجة ظروف صحية خاصة، انتحيت بوالد البنت جانبا وقلت له أنا سأعالج لك ابنتك مقابل أن تعطيني الكبش، فوافق على الفور، قلت له إذن خذ الكبش واذبحه وأطعم ابنتك من لحمه كل يوم حتى ينفد اللحم.

 

في طريق العودة بعد شهر تقريباً مررت على نفس المكان والتقيت بوالد البنت وقلت له كيف حال ابنتك ؟

قال لي: “إنها أصَحْ من بَكصَة”، ما إن أكلت اللحم حتى استعادت كامل صحتها وهي اليوم أقوى مما كانت عليه قبل مرضها.

 

ومنذ ذلك التاريخ بدأت أشك في ظاهرة “السَل” وأشكك فيه الآخرين وأحاول إقناعهم بأن “السَل” خرافة كبرى، يذهب ضحيتها الضعفاء من المجتمع، وتوجه فيه التهم إلى بعض المنتمين إلى أوساط اجتماعية معينة، فيتعرضون لأشكال متعددة من الظلم، مما يذكر بما كانت تعيشه المجتمعات الأوروبية في القرن السادس عشر والسابع عشر.

 

ولم يكن التشكيك في السَل في تلك الفترة بالأمر السهل بأي حال من الأحوال، فتغيير الخرافات الثقافية يتطلب جهادًا علميا طويلا قد يمتد لعدة أجيال قبل أن يثمر نبته”

 

شاهد أيضاً

توشيح مستحق لرجل خدم المقاطعة والولاية النائب الموقر علي ولد ممود يكرم بوسام الامتنان الوطني/أحمد محمد عمر

توشيح مستحق لرجل خدم المقاطعة والولاية: النائب علي ولد ممود يُكرم بوسام الامتنان الوطني   …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *