الخليفة العام للطريقة القادرية الفاضلة في غرب أفريقيا الشيخ سيد الخير ولد الشيخ بونن، رمز الحكمة ووارث سر الطريقة القادرية بغرب إفريقيا/ الأستاذ محمد ولد عبدالله سعيد

الخليفة العام للطريقة القادرية في غرب أفريقيا الشيخ سيد الخير بن الشيخ بوننه… رمز الحكمة ووارث السر في الطريقة القادرية بغرب إفريقيا

 

في عالم تتناقص فيه القيم الروحية وتتشظى فيه الرموز، يبرز الشيخ سيد الخير بن الشيخ بوننه بن شيخنا الشيخ الطالب بوي كمنارة سامقة في سماء التصوف، وركيزة ثابتة في الطريقة القادرية بغرب إفريقيا. هو ليس مجرد خليفة عام، بل حامل أمانة، ووارث سرّ، وامتداد حيّ لمسيرة من المجد الروحي والعطاء الدعوي.

 

جذور المجد ونشأة الروح

 

نشأ الشيخ سيد الخير في بيت مشهود له بالعلم والصلاح والقيادة، حيث رضع من معين التربية الربانية على يد والده الخليفة الشيخ سداتي ثم بعد ذلك من والده الخليفة الشيخ بوننه ، ونشأ في ظل الرجال، وسار على درب الكبار الذين صنعوا تاريخ النمجاط وسطروا أمجاد الطريقة القادرية. كان تلميذًا في مدرسة الشيخ سداتي، فنهل من معين الحكمة، واشتد عوده على مبادئ الولاية والصدق والتجرد.

قيادة راسخة في وجه التحديات

حين تولّى الشيخ سيد الخير قيادة النمجاط، كان ذلك امتدادًا طبيعيًا لرجل عرف دروبها، وسلك مسالكها، فقادها بحكمة ونظر ثاقب لأكثر من ستة عشر عامًا. لم يكن زعيمًا باللقب بل بالفعل، ولا قائدًا بالوراثة فقط بل بالكفاءة، فكان محل احترام عند السلطات الموريتانية، وموضع ثقة لدى القيادات السنغالية، وصوتًا يُصغى له في المحافل الكبرى.

 

الموسم الديني في جوف يور… ملتقى الروح والتجديد

 

تعيش مدينة جوف يور هذه الأيام على إيقاع روحي فريد، مع انطلاق الموسم الديني السنوي للطريقة القادرية، تحت إشراف الخليفة العام الشيخ سيد الخير. هذا الموسم ليس مجرد احتفال، بل هو محطة نورانية للتزود بالإيمان، والتقارب بين المريدين، وتأكيد على وحدة الصف وتجدّد العهد مع الطريقة ونهجها.

 

توافد المريدون من شتى أنحاء السنغال ودول الجوار، يحملون في قلوبهم محبة الشيخ، وفي أرواحهم الشوق إلى مجلس الذكر والمدد. خطابات العلماء، والمدائح النبوية، والدروس التي يلقيها كبار أهل العلم والتصوف، تجعل من جوف يور وجهة روحية بامتياز، فيها يمتزج البعد الديني بالاجتماعي، ويُعاد بعث روح التضامن والسلام.

 

شيخُ الجماعة وإمام الوفاق

 

الشيخ سيد الخير ليس فقط خليفة طريقة، بل هو رجل الوفاق في زمن التشرذم، وصوت الحكمة في لحظة صخب. استطاع أن يجمع القلوب، ويوحّد الصفوف، ويرسّخ حضور الطريقة القادرية في كل المحافل. هو قدوة للصغار، ومرجع للكبار، يُشهد له بالعلم والتقوى والرزانة، ويُقصد في النوازل والمناسبات الكبرى.

في زمن القلق الروحي، يبقى الشيخ سيد الخير بن الشيخ بوننه نبراسًا من الحكمة، وعلَمًا من أعلام التصوف الحي، يحمل رسالة السلام والصفاء، ويمدّ الجسور بين الشعوب والمجتمعات. والموسم الديني في جوف يور ما هو إلا ثمرة من ثماره، وشاهد حي على دوره العظيم في حفظ التراث وبعث النور في النفوس.

 

فلتهنأ به الأمة، ولتبارك الأرض التي تحتضنه، وليبقى صوته صدًى للحكمة، وأثره نورًا في طريق السالكين.

الأستاذ محمد ولد عبد الله سعيد

شاهد أيضاً

رجل الأعمال العصري حين يمتزج الاستثمار بالانسانية/عبدالرحمن بوحبيني

رجل الاعمال العصري حين يمتزج الاستثمار بالانسانية   في زمن تغلب فيه المصالح الخاصة على …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *